مينو وزبيدة.. غموض نهاية زوجة آخر جنرالات الحملة الفرنسية فى مصر
تمر، اليوم، الذكرى الـ214 على وفاة الجنرال الفرنسي جاك فرانسوا مينو، آخر قائد للحملة الفرنسية على مصر، إذ رحل في 13 أغسطس عام 1810، وهو جنرال فرنسي في جيش نابليون بونابرت، ولد في مدينة في غرب فرنسا والتحق بالعمل العسكري مبكراً في حياته، ومشهود له بالكفاءة العسكرية والحنكة في الإدارة، شارك في الحملة الفرنسية على مصر وتسلم قيادتها بعد مقتل الجنرال كليبر.
ولعل قصة الجنرال الفرنسي مينو، وزوجته المصرية السيدة زبيدة، واحدة من قصص الحملة الفرنسية الغامضة، ورغم أنها جذبت أنظار المؤرّخين المصريين والفرنسيين والشعراء والروائيين، ونسج منها الشاعر علي الجارم، منها روايته المعروفة “غادة رشيد”، بالتناص مع “غادة الكاميليا”، إلا أنها تحمل العديد من الألغاز التاريخية التي لم نصل فيها إلى إجابات واضحة حتى الآن.
كان مينو وقت مجيء الحملة الفرنسية على مصر، حاكما لمدينة رشيد، وكان بمثابة القائد الثالث للحملة الفرنسية علي مصر، بعد نابليون الذي عاد إلى بلاده ليصبح حاكما لها فيما بعد، وكليبر الذي قتله سليمان الحلبي، ثم جاء هو حاكما بعد مقتل الجنرال الأخير، لكنه كان غير كليبر الذي بغض الحياة في مصر وأراد أن يعود إلى بلاده، وغير نابليون الذي أغوته أحلام السلطة في أوروبا، هو الوحيد الذي جذبه الشرق، أحب أن يكون هو سلطانا في مكان بعيد عن بلاده وبعيدا عن سلطة نابليون.
قرر التقرب من المصريين، فاختار الزواج منهم، لذلك وقع اختياره على بنات الشيخ “علي الجارم” لعراقته في الشرف والعلم إلا أن «الشيخ الجارم» عندما وصلته الأخبار تلك سارع بتزويج ابنتيه إلى اثنين من تلامذته فبدأ مينو يبحث من جديد عن عروسه حتى ظهرت الحسناء «زبيدة» ابنة محمد عبد الرحمن البواب الميزوني التاجر برشيد والذي ينتمي إلى طبقة الأعيان والأثرياء ويعيش في بيت كبير مكون من خمسة طوابق لايزال موجودًا حتي يومنا هذا.
وبحسب تصريحات للدكتور عبد الرحيم ريحان، بأن عائلة “البواب” وافقت على زواج ابنتهم من الجنرال الفرنسي سريعًا ودون اعتراض، فقط طلبوا منه إعلان إسلامه، وتم عقد الزواج في وثيقة بمحكمة رشيد الشرعية فى 25 رمضان 1213 هجرية الموافق 2 مارس 1799 ميلادية، وتضمنت الوثيقة أيضًا اعتناق الجنرال للإسلام وتسمى فى الوثيقة باسم «عبدالله مينو» كما أثبتت وثيقة الزواج من زبيدة إنها أصغر منه بثلاثين عامًا.
تحدّث مؤرّخون مثل الجبرتي عن غضب المصريين الذين صبّوا على زبيدة اللعنات، لأن الفرنسيين احتلوا بلدهم واستولوا على بنات الأعيان، واتهموا مينو بأنه عجوز ماكر يدّعي الإسلام. واعتبر العثمانيون، السلطة الحاكمة نظرياً، أنها تزوجت “كافراً” وطلبوا رأسها بزعم أن جسدها مدنّس.
ورغم أنه لا يوجد خلاف حول حقيقة قصة زبيدة وزواجها من الجنرال مينو، لكن نهايتها هي محل الخلاف، حيث ذكرت الكاتبة جيهان ممدوح مأمون فى كتابها “رشيد” إن الجنرال مينو غادر مصر ورحل إلى فرنسا بعد دخول الإنجليز عام 1801، ولحقت به زوجته هناك، وعاشت زبيدة فى فرنسا حتى وفاتها كما يذكر المؤرخون الفرنسيون، لكن المؤرخ المصرى عبد الرحمن الجبرتى رأى آخر، حيث يقول إن زبيدة لم تغادر أرض مصر نهائيا وبقيت هنا هى وابنها سليمان حتى توفيت بمصر، وينسف المحاضر ناصر إبراهيم السردية شبه الرسمية، بأنها انفصلت عنه وماتت ودُفنت في مصر، معتمداً على منهجية مغايرة في تاريخ الأصوات، من خلال تفحّص 4 خطابات كتبتها لزوجها خلال 6 أيام، مع إشارة مهمة إلى أنها كانت تكتب إليه يومياً، ما يعني إمكانية اكتشاف خطابات أخرى.
اكتشاف المزيد من موقع المعارف
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.