مقدمات الكتب .. كتاب “الحب عن بعد” ما الذي جاء في مقدمته؟

نواصل سلسلة مقدمات الكتب ونتوقف اليوم مع كتاب “الحب عن بعد.. أنماط حياتية في عصر العولمة” لـ أولريش بك وإليزابيت بك – غرنزهايم” فما الذي جاء في مقدمته؟

مدخل:

نشرت الصحف اليومية في مايو  ۲۰۱۱م نبأ انفصال لاعب الملاكمة الأوكراني الأصل فلاديمير كلتشكو – الذي يعيش في هامبورج – عن الفنانة هايدن بانيتير التي تعيش في لوس أنجلوس، لقد كان هناك فارق بين الزوجين سواء في العمر أو في البنية الجسدية، فبينما كان فلاديمير يبلغ من العمر ٣٥ عاماً وطوله قرابة المترين ووزنه ۱۱۰ کیلوجرامات كانت هايدن تبلغ من العمر ۲۱ عاماً وطولها ١,٥٥ متر ووزنها ٥٠ كيلوجراماً؛ إلا أن سبب الانفصال لم يكن مرجعه ذلك الفارق في العمر والبنية الجسدية، بل أمر آخر نشرته إحدى الصحف على لسان الفنانة هايدن حيث قالت : عندما تفصل بين حبيبين مسافة جغرافية، يصعب استمرار الحب بينهما. في الصحيفة نفسها وجه أنجولف جلمان انتقاده إلى الفنانة هايدن في مقال بعنوان نقد لاذع Der Verriss” متحدثاً عن الحب النائي العلاقة التي تفرقها المسافة أو الحب عن بعد) كسبب محتمل في إنهاء العلاقة بين الحبيبين قائلاً: “أعزائي، إن كنتم ترون أن الحب النائي يمكنه أن يكون أمراً صعب المنال، فكيف تريدون أن يجتاز شریکان (يعيشان سوياً في حب عن قرب الحب الداني) عراكاً متلاحماً يحدث يومياً، ويمكنه أن يمتد لأعوام؟!»

لقد نشر قبل ذلك بعدة أيام – في أبواب الاقتصاد بالجرائد الكبرى في جميع أنحاء العالم – أن شركة مايكروسوفت قامت بشراء مزود خدمة الهاتف عبر الإنترنت سكايب / Skype بمبلغ 8.5 مليارات دولار نقداً، أي ما يعادل 5.9 مليارات يورو، وقد جاء في جريدة Frankfurter Allgemeine Zeitung في العاشر من مايو  ٢٠١٠م أن شركة مايكروسوفت تريد أن تقوم بإنشاء شبكة على برنامج السكايب بكل المنتجات المتعلقة به، ومن خلالها يستطيع مستخدموها الاتصال هاتفياً بعضهم ببعض مجاناً عبر الإنترنت، كما يمكنهم التواصل بالصوت والصورة أيضاً، وقد اشترك في هذه الخدمة أكثر من 660 مليون مشترك وذلك بحسب البيانات الشخصية المسجلة، ويبدو أن مسلك شركة مايكروسوفت في هذا يشير إلى أنها تؤمن بمستقبل ما يطلق عليه الحب النائي، بل إن اقتناءها لهذه الخدمة على أية حال – والتي تعد الأغلى ثمناً في تاريخ جميع الشركات – أمر يؤكد ذلك.

إن المحور الذي يرتكز عليه هذا الكتاب الذي بين أيديكم هو الحب النائي بكل صوره، وقد عرضنا في كتابنا الفوضى البديهية كيف أن حياة  الانعزال قد طغت على الأنماط التقليدية للحياة الجماعية، حيث حل محل النموذج الأسري القديم للأب والأم والأبناء العديد من الصور الحديثة للحياة الجماعية، وظهر بازدياد الخليل المؤقت، عوضاً عن الزوج، وكثرت الأمهات أو الآباء الذين يعيشون حياة منعزلة بعضهم عن بعض وبحوزتهم أطفال لم يبلغوا من النضج، كما ظهرت الأسر المختلطة كنتيجة لتعدد الزواج والطلاق… إلخ.

في هذا الكتاب نتطرق إلى فوضى الحب حول العالم، وذلك بعرض كل صور الحب النائي على سبيل المثال صورة الأخلاء من دولتين مختلفتين، والمهاجرين بغية الزواج والعمل، وتأجير الأرحام، والعديد من علاقات الحب التراجيدية التي لعب فيها “السكايب دوراً فاعلاً. إننا تقدم تحليلاً نفسياً لما يسمى الأسرة المعولمة التي تجسدها علاقات الحب أو علاقات القرابة بين ثنائيات من البشر يعيشون في بلاد أو قارات مختلفة، أو أولئك الذين يأتون من بلدان أو قارات مختلفة، فمثل تلك العلاقات يمكن أن تأخذ صوراً مختلفة، وقد تنشأ نتيجة للعديد من الدوافع.