طاغور أم أحمد شوقي.. من أكثر حظا؟
تمر اليوم الذكرى الـ 83 على وفاة الشاعر الهندي الكبير “روبندرونات طاغور” إذ رحل عن عالمنا في 7 أغسطس عام 1941، وهو شاعر هندي حصد جائزة نوبل في الأدب ليصبح أول شخص غير أوروبي يحصل على الجائزة، وكان للشاعر الكبير علاقة قوية بأمير الشعراء أحمد شوقي والذي استقبله في بيته “كرمة ابن هانئ” أثناء زيارته إلى مصر في شتاء عام 1926.
استقبل أحمد شوقي طاغور في منزله على نهر النيل بالقاهرة، وكان هذا اللقاء مناسبة خاصة، حيث دعا شوقي كبار الشخصيات المصرية من مثقفين وسياسيين، مما دفع سعد زغلول، رئيس مجلس النواب في ذلك الوقت، إلى تأجيل جلسة المجلس ليتمكن أعضاؤه من حضور الحفل.
عبر أحمد شوقي عن سعادته البالغة لمقابلة طاغور، مُشيرًا إلى أن طاغور محظوظ بجمهوره الواسع الذي يتجاوز 300 مليون نسمة، وهو عدد سكان الهند في ذلك الوقت. لكن طاغور رد عليه، وفقًا لرواية حسين، نجل أحمد شوقي، بأنه يعتبر شوقي هو المحظوظ؛ لأن جمهوره هو كل العرب تقريبًا، الذين يتحدثون لغة واحدة هي العربية، في حين أن الهند تتوزع على العديد من اللغات المحلية، ما يجعل جمهوره الحقيقي أقل بكثير.
حسين شوقي، الذي كان مكلفًا من والده بإحضار طاغور من فندق شبرد إلى المنزل، يصف كيف أن طاغور كان يرتدي الملابس الهندية التقليدية، وكان له قامة طويلة وشعر كثيف يشبه الأنبياء المذكورين في التوراة. أثناء الرحلة في السيارة، سأل طاغور حسين عن مؤلفات شوقي وما إذا كانت قد تُرجمت إلى الإنجليزية، ليكتشف أنه لم يتم ترجمتها بعد، ولكن ترجمت بعد ذلك بواسطة الأستاذ أربى عام 1933.
خلال حديثه مع طاغور، أعرب شوقي عن إعجابه بجمهور طاغور الكبير، بينما أوضح طاغور أنه، على الرغم من حجم الهند، فإن تعدد اللغات فيها يعني أن من يفهمون أعماله لا يتجاوز عددهم عشرة ملايين. وأضاف طاغور بابتسامة أنه يعتبر شوقي هو المحظوظ الحقيقي، حيث إن قراءه هم العالم العربي بأسره.
ويُعتبر هذا اللقاء بين أحمد شوقي وطاغور تجسيدًا للتبادل الثقافي والاحترام بين الأدباء من مختلف الثقافات. هذا التفاعل يبرز كيف يمكن للأدب أن يكون جسرًا للتواصل والتفاهم بين الشعوب، ويعكس أيضًا تقدير شوقي لطاغور وتقدير طاغور لشوقي في ظل التحديات المختلفة التي واجهها كل منهما في عالمه الأدبي.
هذا اللقاء يظل ذكرى خالدة في تاريخ الأدب العربي والهندي، ويؤكد على أهمية التبادل الثقافي والتفاهم بين مختلف الحضارات، مما يساهم في إثراء المشهد الأدبي العالمي.
اكتشاف المزيد من موقع المعارف
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.