قراءة بالمجان.. مبادرة تطلقها دار الكتب لاكتساب المعرفة
أولت الدولة المصرية خلال العشر سنوات الماضية اهتمامًا واضحًا في تنمية الوعى وبناء الإنسان بالشكل الصحيح من خلال المؤسسات التابعة لها، إيمانًا بأن الثقافة حق لكل مواطن طبقًا للدستور المصرى، وهو ما عملت عليه من خلال معارض الكتاب التي تدور في كل محافظات مصر، بالإضافة لاطلاق العديد من المبادرات والمسابقات للتحفيز على القراءة والإبداع.
ومؤخرًا اتاحت الدولة المصرية متمثلة في وزارة الثقافة أطلقت عبر قطاعها دار الكتب والوثائق المصرية خدمة للقراء تحت عنوان “موضوع الساعة” حيث تعرض قاعة الاطلاع الرئيسية بدار الكتب بكورنيش النيل عددا من أهم الكتب التي تتناول مناسبة ما لتقديم وجبة دسمة للقراء في معرفة كل ما يدور حول تلك المناسبة، فعلى سبيل المثل يحتفل المصريين بذكرى ثورة 23 يوليو 1952، ولهذا ستتيح دار الكتب أهم الكتب الموجودة التي تدور حول تلك المناسبة.
ومن بين الكتب التي يتم عرضها “ثورة 23 يوليو سنة 1952” للمؤرخ عبد الرحمن الرافعي، “أسرار ثورة 23 يوليو” للمؤرخ العسكري جمال حماد، “الإخوان وثورة 23 يوليو” للدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر.
وقاعة الاطلاع الرئيسية بدار الكتب تقدم خدماتها مجانًا وشهدت أكبر عملية تطوير وتحديث منذ افتتاحها عام 1987شمل كافة النواحي اللوجيستية وتم تزويدها بعدد من أجهزة الحاسب الآلي حيث يمكن للقراء الاطلاع على الكتب المطبوعة والوسائط المتعددة والإصدارات المرقمنة وتتسع لعدد 230 مستفيد وتم تحديث المحتوى المعرفى للمكتبة الملحقة لتشمل ثلاثة أقسام رئيسية الأول لمجموعة نوبل والتي تضم كل ما كتب عن المصريين الحاصلين على الجائزة العالمية الى جانب بعض مؤلفات الحاصلين على جوائز الدولة التقديرية منهم الدكتور بطرس غالي ، توفيق الحكيم وإحسان عبد القدوس، أما الثانى يحتوى على أحدث الإصدارات فى مختلف مجالات المعرفة، وتم تخصيص الثالث لمؤلفات تتناول موضوعات الساعة التي تهم القارئ العادي والمتخصص.
تاريخ دار الكتب
دار الكتب والوثائق المصرية ظهرت للنور على يد الخديوى إسماعيل (1863- 1879)، في 23 مارس من عام 1870م، إذ تعود فكرتها لرغبة الخديوى فى إنشاء “كتب خانة عمومية”، لجمع شتات الكتب من المساجد وخزائن الأوقاف وغيرها، بهدف حفظها وصيانتها من التلف، واقترح على مبارك على الخديوى إسماعيل إنشاء دار كتب على نمط المكتبة الوطنية فى باريس، حيث أعجب بها حينما أُرسل ضمن البعثة التى أُوفدت لدراسة العلوم العسكرية سنة 1844.
بناء على ما عرضه على باشا مبارك أصدر الخديوى إسماعيل الأمر العالى رقم 66 بتأسيس الكتبخانة فى 20 ذى الحجة 1286هـ (23 مارس 1870م)، فى سراى مصطفى فاضل باشا (شقيق الخديو إسماعيل) بدرب الجماميز لتكون مقراً للكتب خانة، وجُعل لها ناظر وخدمة، وصار لها مفهرس من علماء الأزهر مسئول عن الكتب العربية، وآخر مسئول عن الكتب التركية، ونُظمت لها لائحة وضعت أسس الانتفاع بها. وكانت النواة الأولى لمقتنيات الكتب خانة الخديوية نحو ثلاثين ألف مجلد، شملت كتب ومخطوطات نفيسة، جُمعت من المساجد والأضرحة والتكايا ومكتبتى نظارتى الأشغال والمدارس.
بدأت الكتب خانة فى أول عهدها فى سنة 1870 تحت إشراف “ديوان المدارس”، الذى تغير اسمه فى سنة 1875 إلى “نظارة المعارف العمومية”، ثم “وزارة المعارف” فى سنة 1915، ثم “وزارة التربية والتعليم” سنة 1955، وفى سنة 1958 انتقلت تبعية دار الكتب المصرية من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة الثقافة والإرشاد القومي، ولا تزال تتبع وزارة الثقافة حتى الآن.
اتخذت دار الكتب عدة مسميات رسمية: فكان اسمها عند نشأتها سنة 1870 “الكتب خانة الخديوية”، ثم “دار الكتب الخديوية” (1892- 1914)، ثم “دار الكتب السلطانية” (1914– 1922)، ثم “دار الكتب الملكية” ( 1922- 1927)، ثم دار الكتب المصرية (1927- 1966)، ثم “دار الكتب والوثائق القومية” (1966- 1971)، ثم “الهيئة المصرية العامة للكتاب” (1971- 1993)، وأخيراً أطلق عليها “الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية” منذ (1993وحتى الآن).
وفى سنة 1880 ضاقت الكتبخانة بمقتنياتها، ثم نقلت سنة 1889م إلى الطابق الأول (السلاملك)، من السراى نفسها. ومع تزايد رصيد الكتب خانة أصدر الخديو عباس حلمى الثانى فى سنة 1896 أمراً بنزع ملكية الأرض وتخصيصها لبناء الكتبخانة الخديوية عليها، ولكن هذا المشروع لم يتحقق. وفى سنة 1899 وضع الخديو عباس حلمى الثانى حجر الأساس لمبنى يجمع بين الكتبخانة الخديوية ودار الآثار العربية (متحف الفن الإسلامى حالياً) فى ميدان باب الخلق (ميدان أحمد ماهر فيما بعد). وخصص الطابق الأرضى من المبنى لدار الآثار العربية، وطابقه الأول بمدخل مستقل لدار الكتب الخديوية. وفى 5 مارس 1904 افتتحت الكتبخانة أبوابها للجمهور.
كان للتطور الكبير الذى مرت به مصر فى بداية القرن العشرين أثره فى نمو حركة التأليف والترجمة فى مختلف نواحى المعرفة الإنسانية، حتى إذا كانت سنة 1930 ضاقت مخازن دار الكتب بمختلف أنواع المقتنيات، وبموظفيها وروادها من المطالعين، لذلك أخذت الدار منذ ذلك التاريخ تطالب بإنشاء مبنى جديد يساير التطور العالمى فى نظم المكتبات الحديثة فى ذلك الوقت، ففى سنة 1935 وقع الاختيار مبدئياً على أرض الحكومة بجهة درب الجماميز، واختير موقعا “بأول شارع تحت الربع”؛ لقربه من مكان الدار فى ذلك الوقت الذى اشتهرت به. ورأى المجلس سنة 1938 أن خير موضع تُبنى فيه دار الكتب هو أرض سراى الإسماعيلية، وقرر فى مارس من السنة نفسها الشروع فى عمل مسابقة عالمية، لوضع التصميمات اللازمة للمبنى الجديد، وفى يونيو 1938 وافق المجلس الأعلى للدار على الرسم التخطيطى للمبنى الجديد، كما ورد للدار صورة من خطاب مصلحة المبانى الأميرية لوزارة الأشغال بطلب اعتماد مبلغ مائة وخمسون ألف جنيه؛ لإمكان الشروع فى تنفيذ المبنى الجديد. وفى يوليو 1938 كتب وزير المعارف – محمد حسين هيكل باشا- إلى وزارة المالية يطلب تخصيص جزء من الاعتماد المدْرَج فى عام 1938 فى ميزانية مصلحة المبانى للبدء فى المبنى الجديد لدار الكتب، ووُضعت الخطة بحيث يبدأ البناء سنة 1939، إلا أن نشوب الحرب العالمية الثانية قد عوق بدء البناء.
وفى سنة 1959، طالب ثروت عكاشة، وزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى لدار الكتب، فى ذلك الوقت بتمويل مشروع المبنى الجديد للدار، من ريع أوقاف الدار.
وفى 23 يوليو 1961، وضع حجر الأساس للمبنى الجديد على كورنيش النيل برملة بولاق، وبُدىء فى نقل رصيد الدار والموظفين إلى المبنى الجديد تدريجيا ابتداء من سنة 1971 وحتى 1978 وذلك بالرغم من عدم استكمال المبنى؛ لانتقال دار الوثائق التاريخية، والمكتبة المركزية من قصر عابدين إلى مبنى باب الخلق.
اكتشاف المزيد من موقع المعارف
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.