معارف

الناقد شعبان يوسف يستعرض علاقة ثورة 23 يوليو والثقافة




تحتفل مصر اليوم بذكرى ثورة 23 يوليو 1952، والتى وكانت من أهم الثورات والأحداث السياسية فى مصر، وقام بها الضباط الأحرار وترتب عليها إلغاء الملكية في مصر وتحويلها إلى جمهورية رسمية، وبمناسبة تلك الذكرى تواصلنا مع الشاعر والناقد الكبير شعبان يوسف.


وقال الناقد والشاعر شعبان يوسف إنه منذ أن قامت ثورة 23 يوليو كان حولها رجال من كل حدب وصوب ومن كل الاتجاهات، وبدأت نية حقيقية منذ اللحظات الأولى في الاهتمام بموضوع الثقافة على وجه الخصوص، لأن موضوع السياسية كان شائكا إلى حد ما، على عكس الثقافة التي بدأت تبحث عن وجوه وأسماء جديدة وكانت مؤسسات الثقافة لا تزال فى مرحلة التكوين، ومن بينها نادى القصة الذى تكون فى مايو 1952، أى قبل اندلاع الثورة بشهرين تقريبًا، وصدرت حينها بعض الأعمال من نادى القصة برئاسة يوسف السباعى.


وتابع الناقد والشاعر شعبان يوسف، فى تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع”، أن يوسف السباعى كان ضابطا، فكان من الأولى أن يكون هو “الكوماندا” للثقافة فى ذلك الوقت، وبعد الثورة مباشرة قرروا إنشاء مجلة لتكون لسان حال الثورة، فأنشأوا مجلة التحرير، حيث قامت الثورة فى نهاية يوليو وتم إطلاق مجلة التحرير في سبتمبر من نفس العام، أي بعد أشهر قليلة من الثورة، واستطاعوا حينها أن يستكتبوا عددا كبيرًا من الموهوبين في ذلك الوقت، ومن بينهم أذكر يوسف إدريس وصلاح حافظ وحسن فؤاد “وكانوا من اليسار” وكتب حينها يوسف إدريس قصة مهمة في العدد الثاني من المجلة تحت اسم “خمس ساعات” وتدور حول الحرس الحديدي للملك فاروق الذي تسبب في قتل عبد القادر طه.


 


وأضاف الناقد والشاعر شعبان يوسف، وكان من أبرز كتاب مجلة التحرير حينها الدكتور مصطفى محمود الشاب الموهوب في كتابة القصة، فكان صلاح حافظ ويوسف إدريس ومصطفى محمود وعبد المنعم الصاوي، ومجموعة كبيرة جدًا من المثقفين الشباب، وقررت ثورة يوليو أن يكون الخطاب الثقافي خطابا شابا، وتسببت في إنهاء مجلتين كانوا في غاية الأهمية قبل الثورة، وهي مجلة الرسالة، وكان رئيس تحريرها أحمد حسن الزيات ومجلة الثقافة، وذلك في 1953، وكتب أحمد حسن الزيات، رئيس تحرير المجلة في العدد الأخير، وكان بمثابة مرثية، وأنه لن يستطيع الوقوف أمام التيار الجديد، خاصة مع وجود خطاب جديد قد نشأ.


 


وتابع شعبان يوسف، ونشأت بعد ذلك جريدة الجمهورية، واستطاعت ثورة يوليو أن تستقطب عددا كبيرا من الكتاب للجريدة، ومن بينهم طه حسين وعبد الرحمن الخميسي وأحمد لطفي السيد، حيث كانت جريدة الجمهورية هي الجريدة الأهم في ذلك الوقت، كما سمحت الثورة في ذلك الوقت لليسار على وجه الخصوص للتعبير عن نفسه في مجلات عديدة كانت بمثابة صياغة التوجه لثورة يوليو، فتكلموا عن الأدب للحياة، وبدأ خطاب جديد ظهر في كتابات يوسف إدريس وفؤاد حداد وصلاح جاهين.


 


وأضاف شعبان يوسف أن الخطاب الثوري كان يضم قدرا كبيرا من التحريض قبل أن يلتفتوا إلى نجيب محفوظ، فلم يكن نجيب محفوظ من أبناء الثورة فقد كان أحد أبناء الوفد قبل ذلك، ولكن الكتاب الشباب هما الذين كانوا يتفاعلون تفاعلا قويا جدًا مع الثورة، وكان فتحي رضوان أحد الداعمين لثورة يوليو في البداية، وهو المثقف الأعلى في حكومة يوليو ومن كان يرشدهم للتصرف، حتى أنه تولى منصب وزارة الإرشاد وهي وزارة الثقافة في ذلك الوقت.


 


وأوضح شعبان يوسف أنه في ظل ثورة 23 يوليو بدأت تنشأ أجهزة جديدة بالإضافة إلى الدعم القوي الذي توجه إلى نادي القصة، حيث نشأ المجلس الأعلى للثقافة، وكان حينها يحمل اسم “المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب” وتكونت به اللجان ومنهم لجنة الشعر التي تم إعطاؤها لعباس العقاد، وكانت المعركة حرة بين العقاد الذي كان ينتمي إلى الشعر القديم وبين الشعراء الجدد مثل صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي وشعراء آخرين، ولجنة الرواية التي كانت تحمل أسم أخر وقتها، ودار الأدباء.


 


واستطاع المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب أن يرعى الآداب بشكل كبير والنظر في موضوع الجوائز، فلم تشهد الدولة جوائز ثقافية قيّمة من قبل كما فعلت بعد الثورة، بالإضافة إلى ذلك، ففي الثقافة بوجه العموم نشأت مصلحة الفنون والآداب، التي رأسها في ذلك الوقت “يحيى حقي” وبدأت حركة جديدة، كما نشأت حوالي 11 مجلة يسارية ثقافية بالإضافة إلى جريدة المساء في 6 أكتوبر 1956 ومجلة صباح الخير في 12 يناير 1956، وهذان الإصداران اللذان نشآ على ضفاف الثورة اهتما اهتماما كبير بالثقافة، من شعر وأدب وقصة ونقد أدبي وهكذا، وجريدة المساء على وجه الخصوص كان بها صفحة يومية، وكان رئيس تحريرها وقتها خالد محيي الدين وعمل بها عدد من الكتاب الشباب، من بينهم عبد العظيم أنيس ومحمود أمين العالم وإسماعيل مهدوي وفتحي عبد الفتاح وعبد الفتاح الجمل وفاروق منيب.


 


وأضاف شعبان يوسف أن في المسرح تولى أحمد حمروش رئاسة الفرقة القومية للمسرح، وعندما قامت حرب السويس في أكتوبر عام 1956، وكان أحمد حمروش قد مسك الفرق القومية منذ أيام قليلة، فكان عليه أن يقدم شيء جديد، وبذلك فقد فتح المسرح مجانًا لجميع فئات المجتمع، وبسبب وجود حظر تجوال مسائي في ذلك الوقت كان المسرح يفتح أبوابه للجمهور في النهار، وهو ما تسبب في وجود ذائقة مسرحية لدى الجمهور، ولذلك عند عرض مسرحيات نعمان عاشور “الناس اللي فوق والناس اللي تحت” ومسرحيات أخرى لفريد فرج وسعد الدين وهبه فيما بعد، بدأ المسرح في استقطاب الجمهور في كافة الظروف، فكان إصرار قيادات يوليو لخلق ثقافة من ناحية، واستعداد الشعب للتقبل وظروف التحدي من ناحية أخرى، هما الذين جعلوا الجميع مستعد، خاصة مع وجود صلاح جاهين وفؤاد حداد في الثقافة وعبد الحليم حافظ في الفن، بالإضافة إلى فيلم باب الحديد الذي تم عرضه في عام 1958 كان من أهم الأفلام حيث طالب بوجود نقابات وكان نعمان عاشور معرض للمحاكمة في ذلك الوقت بسبب ذلك الموضوع.


 


وقد تغير الخطاب الأول “خطاب ثورة يوليو” الذي أصدر في الخمسينات، بعد ذلك بعدما حدثت صدامات بين  السلطة واليساريين، ولكن كان هناك أناس قادرين بشكل دائم على إزالة الخلافات التي كانت تنشأ بين قيادات الثورة والمثقفين، وكانت هناك  نهضة كبيرة جدًا في ذلك الوقت، وعندما جاء ثروت عكاشة استطاع أن يقدم أشياء جديدة، كما أن معظم مؤسسات الدولة الثقافية الكبيرة بنيت في فترة الخمسينيات بعد انطلاق الثورة.


اكتشاف المزيد من موقع المعارف

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع المعارف

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading