قرأت لك.. “أن تكون إنسانا” كتاب للويس دارتنيل عن العلاقة بين البيولوجيا والتاريخ
على الرغم من الأخبار عن الحروب والقتل الجماعى يذكرنا المؤلف البريطانى لويس دراتنيل فى كتابه “أن تكون إنسانا” بأننا فى الواقع مسالمون بشكل غير عادى مع كون أسلافنا فى عصور ما قبل التاريخ استخدموا “العقاب” لمحاسبة منتهكى القواعد، وبالتالى قاموا ببناء حضارة مبنية على مستويات مذهلة من التعاون والمعاملة بالمثل.
يشرح الكاتب كيف حركت البيولوجيا حياة البشرية بما فى ذلك “الزيجات المدبرة بحكمة”، التى أدت إلى سيطرة آل هابسبورج على أوروبا منذ القرن السادس عشر معتبرا أن البشر لديهم ميل أصيل نحو تعدد الزوجات ولكن فقط إذا سمحت الموارد بذلك.
ويورد الكاتب شذرات من القصص المألوفة ومنها على سبيل المثال قتل الموت الأسود “الطاعون” ما يقرب من نصف سكان لندن في عام 1348 وكيف أجهضت الملاريا والحمى الصفراء أول خطة لبناء قناة بنما من قبل الاسكتلنديين في القرن السابع كما يجادل بأن مخاطر العدوى المنتشرة خلال القرون الوسطى بأمراض مختلفة أدى بالقوى الاستعمارية إلى استغلال المناطق شبه الاستوائية والتشبث بالموانئ الساحلية وشحن السكر والبن بدلاً من الاستقرار داخل بلادهم.
هناك مثال آخر يورده الكاتب البريطانى على تأثيرات البيولوجيا فقد أدت عدم قدرة البشر غير المعتادة على صنع فيتامين سي الخاص بهم داخل الجسم، إلى أن يتمتع البحارة الذين يتغذون بعصير الليمون في البحرية الملكية البريطانية بميزة واضحة على الفرنسيين والإسبان الذين يعانون من الإسقربوط وذلك خلال حروب البحار.
هل نحن حقاً مثل البشر الأوائل الذين كانوا يصطادون ويتجمعون في السافانا؟ يقول دارتنيل: “الجوانب الأساسية لما يعنيه أن تكون إنسانًا ومنها أجهزة أجسادنا وبرامج عقولنا لم تتغير” وهذا في الواقع ، هو الافتراض الكامن وراء علم النفس التطوري ، الذي يسعى إلى تفسير السلوك البشري الحديث من حيث ما يُفترض أنه كان متكيفًا مع أسلافنا الذين سكنوا الكهوف، لكن ما يمكن قوله فى هذا السياق أن الدماغ البشري أصبح فى عصر الحواسيب والتكنولوجيا المتطور يُظهر مرونة عصبية كبيرة مقارنة بإنسان الكهوف.
يمكن “للبرمجة العقلية البشرية” وفقا لدارتنيل أيضًا أن تصحح نفسها وهى حقيقة تبدو واضحة في ضوء تاريخ تخصصات مثل الرياضيات أو الهندسة أو علم الأحياء نفسه، ومع ذلك ، فإن دارتنيل على الرغم من قبول حقائق التطور الثقافي لا يزال يؤيد فكرة أن “نظام التشغيل المعرفي لدينا لم يتم تحديثه والأسوأ من ذلك ، أننا لا نستطيع فعل أي شيء حيال العديد من أخطائه التى تتكرر”.
ويكشف لويس دارتنيل عن نموذج واضح على ما يقول بشأن البرمجة العقلية البشرية حين يؤكد أن البشر “يكرهون الخسارة” ، مما يعني أننا نزن الخسائر المحتملة في رهان أكثر من المكاسب المحتملة المكافئة، وهو أمر لم يتغير معرفيا عند البشر من بدء التاريخ.
يذكر أن لويس ريان دارتنيل مؤلف بريطاني وأستاذ علوم التواصل بجامعة ويستمينستر وتشمل أعماله “المعرفة: كيف نعيد بناء عالمنا من الصفر والأصول” ، و”أن تكون إنسانا” وغيرها من الكتب التى تبحث العلاقة بين العلوم الطبيعية ومسيرة البشرية.
اكتشاف المزيد من موقع المعارف
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.