عمر أبو ريشة.. خاتم الحب الذي هجا حافظ الأسد
كان لمجزرة حماة في شباط 1982، وقعها الكبير على العالم، برغم التعتيم الإعلامي الذي قام به النظام السوري، للتغطية على الجرائم المرتكبة حينها.
وهجا الشاعر السوري عمر أبو ريشة إثر ذلك الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، بحسب مصادر متقاطعة من بينها ما نشره المفكر السوري برهان غليون، عبر صفحته الشخصية في “فيس بوك”، بقصيدة شهيرة.
وقال أبو ريشة في القصيدة:
سـكِّينـه في شـدقه ولعـابُه.. يجري على ذكر الفريسة مُزبدا
ما كان هولاكو، ولا أشـباهه.. بأضلَّ أفئـدةً و أقسـى أكـبُدا
هذي حماة عروسةُ الوادي على.. كِبْر الحداد، تُجيل طـرفًا أرمدا
هذا صلاح الدين يخفي جرحه.. عنها، ويسأل: كيف جُرْحُ أبي الفدا
سرواتْ دنيا الفتح هانتْ عنده.. وأصاب منها ما أقـام وأقعـدا
ما عفَّ عن قذف المعابد باللظى.. فتناثرت رِممـًا، وأجَّتْ موقـدا
ولد عمر أبو ريشة في مدينة منبج السورية في عام 1910، ودخل مدرسة “النموذج” الابتدائية في حلب، والتحق بالمدرسة الأمريكية في بيروت عام 1924.
وبعد حصوله على الشهادة الثانوية، انتقل إلى مدينة مانشستر في إنكلترا لدراسة الكيمياء.
وتعرف إلى فتاة اسمها نورما، ونشأت بينهما علاقة عاطفية، توجتها نورما برعايته في أثناء إصابته بمرض “النكاف”.
خاتم الحب
عاد عمر إلى وطنه ليستأذن أهله بزواجها بعد شفائه، وما إن عاد إلى إنكلترا حتى عرف أن نورما أصيبت “بالنكاف” وتوفيت، وهو ما جعله يرثيها بقصيدة حملت اسم “خاتمة الحب”، قال فيها:
شمس حزني قد استوت وعجيب.. أن أراني أعيش في غير ظل
أبصر الدهر ناشرًا سفر عمري.. ولسان الآلام يقرأ ويملي
طعنة إثر طعنة إثر أخرى.. نثرت هذه الحشاشة حولي
فتأملت في الحياة وفيما.. كنت أبني على الخيال وأعلي
فإذا مورد النعيم سؤاب.. وإذا حائط المنى فوق رمل
بعد وفاة نورما، انتقل عمر لدراسة الأدب الإنكليزي، فتأثر بأعمال شكسبير وميلتون.
ولم يكمل دراسته الجامعية وعاد إلى سوريا، ليعمل في إدارة “دار الكتب الوطنية”، قبل ترشيحه لتولي بعض المناصب الدبلوماسية، لينتقل إلى البرازيل ويعمل ممثلًا للحكومة السورية هناك في عام 1949، وتمت ترقيته عام 1950 ليشغل منصب السفير.
انتقل إلى الأرجنتين في عام 1952 وشغل منصب السفير أيضًا، وعُين في النمسا عام 1959، وعُين سفيرًا في الولايات المتحدة الأمريكية لاحقًا، ثم في الهند، وأحيل إلى التقاعد في عام 1971.
كتب عمر أبو ريشة، إلى جانب الدواوين الشعرية، مسرحيات شعرية، منها مسرحية “ذي قار” في عام 1931، و”أوبريت العذاب” 1935.
تأثر أبو ريشة بالشعر الصوفي، من والدته، فجده لأمه أحد مشايخ الطريقة الصوفية الشاذلية، كما كان أبواه محبين للشعر.
يقول أبو ريشة:” “في البيئة المتصوفة، حيث نشأت، أُتيحَ لي الإصغاء إلى أناشيد لم أكن أسمع مثلها في غير تلك البيئة، فأردّدها من دون أن أدرك أبعاد معانيها”.
صدرت أولى دواوينه الشعرية في عام 1936، في مدينة حلب، تحت عنوان “شعر”، ليلحقه ديوان ثان في بيروت عام 1947 بعنوان “من عمر أبو ريشة”.
كما أصدر ديوانًا باللغة الإنكليزية حمل اسم “التطوف” في عام 1959، ومجموعة شعرية بعنوان “غنيت في مأتمي” صدرت في دمشق عام 1971.
يقول الكاتب عابد إسماعيل، في مقال طويل نشره في صحيفة الحياة في 26 من كانون الأول 2010، إن أبو ريشة، أسهم في تطوير الحساسية الجديدة، معتبرًا أن الشعر هو انعكاس للمخيلة.
منحته النمسا وشاح الثقافة، كما منحه الرئيس اللبناني الأسبق، الياس الهراوي، وسام الاستخقاق اللبناني من الدرجة الأولى.
https://www.youtube.com/watch?v=QajukERvUyU
توفي عمر أبو ريشة في مدينة الرياض في 14 من تموز من عام 1990، إثر إصابته بجلطة دماغية أقعدته الفراش، ونقل إلى سوريا بطائرة خاصة، ودفن في مدينة حلب.
–
مرتبط
اكتشاف المزيد من موقع المعارف
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.