معارف

عبد الوهاب الحمادى: تعرضت لصدمات وأنا أجمع شهادات “أصوات تشيد الذاكرة”



أصوات تشيد الذاكرة.. كتاب جديد للكاتب الكويتى عبد الوهاب الحمادى، يقدم فيه توثيقًا للحياة اليومية وحوادثها في الكويت أثناء الاحتلال العراقي، أصدره مركز البحوث والدارسات الكويتية.


يقدم عبد الوهاب الحمادى فى كتابه “أصوات تشيد الذاكرة” العديد من الشهادات التي لم ترَ النور منذ ثلاثة عقود، جاءت ممن بقوا تحت الاحتلال العراقي للكويت وبعضها ممن خرج اتقاء المطاردة والقتل والاغتصاب والعذاب، حول هذا الكتاب والتحديات التى واجهته كان لـ”اليوم السابع” هذا الحوار مع عبد الوهاب الحمادى.

فى البداية.. حدثنا عن فكرة كتابك “أصوات تشيد الذاكرة”.. ومتى بدأت العمل عليه؟ وبرأيك لماذا لم تر هذه الشهادات النور منذ ثلاثة عقود؟


بدأت فكرة الكتاب في شهر مايو من العام المنصرم، فاتحني بفكرة وجود الشهادات الصديق الدكتور فيصل الوزان، لأنه يعرف أن فترة الاحتلال العراقي للكويت تمثل لي حدثا مفصليا ليس في تاريخ المنطقة وحسب، بل حدثا مفصليا شخصياً على صعيد أفكاري وكيف أرى العالم.  قادني لتلك الصناديق المليئة بالشهادات المكتوبة في عام 1993، أي بعد انتهاء الاحتلال بعام ونصف، لتعيدني لذلك الحدث، ووجدت نفسي منغمساً في القراءة واستعادة ذلك الزمان.


وبالنسبة للتأخير في صدورها سأروي لك فكرتها لتكتمل الصورة؛ في نهاية العام 1993 قام مركز البحوث والدراسات الكويتية الذي يرأسه الدكتور عبدالله الغنيم بترتيب استبيان مطبوع، وزع منه 30 ألف نسخة في الكويت وعاد لهم مثقلا بالمادة الوثائقية، لكن انشغالات المركز وإصداراته التوثيقية المتلاحقة، حالت دون الاستفادة من تلك المادة، وربما كان ذلك من حسن  حظي، لذلك أحسست أن العمل جاء في وقته. من هنا عنونته “أصوات تشيّد الذاكرة” لأنني أريد عبره تشييد ذاكرة منسية عند أجيال جديدة لم تعاصر تلك الأزمة العاصفة ولم تعرف عنها الكثير.

وما هى التحديات التى واجهتها فى جمع الشهادات؟


تحديات كثيرة منها إيجاد قصص لها طابع إنساني، يستطيع أي كان قراءتها والعيش معها كقصة قصيرة. والتحدي الآخر فرز القصص ومحاولة الولوج لما وراء المكتوب حتى بلغ بي الأمر الاستقصاء من بعض الأشخاص حتى وصلت لمن كتب وحاورته. كنت أبحث عنهم بعدّة طرق وأتصل بهم وأذكرهم بكتابتهم، أغلبهم نسي ذلك بفعل مرور السنين، لكنهم رحبوا وتجاوبوا مما زاد تفاصيل المادة المكتوبة عنهم، وتخيّل معي الصدمات التي عشتها بين قصّة وأخرى، مثلا يكون أحدهم قد كتب أن قريبه أو أباه كان مفقودا أو أسيرا، ثم يخبرني بعدما أتواصل معه أنهم وجدوا رفاته عام 2004! أي بعد 13 عام من الاحتلال في مقبرة جماعية ناحية كربلاء! وما شابهها من قصص حزينة.


الأمر الآخر أنني أردت – وأرجو أن أكون قد وفقت- أن أقدم صورة مغايرة للصور النمطية عن زمن الاحتلال، وهناك عدة أمثلة؛ مثلا درج الناس على شمول قطاع كبير من بعض الجنسيات ووصمها بالخيانة، لكن عبر القصص في هذا الكتاب تبيّن أمر مختلف، إذ أن كثيرا من القصص وثّقت حياة المقيمين الذين كانوا يشاركون الكويتيين معاناتهم تحت الاحتلال، ومنهم من استشهد في سبيل الكويت.


أمور أخرى مثل تنوّع أطياف الشعب الكويتي الصامد مما أثرى المحتوى بالقصص الشخصية. وكان رئيس المركز الدكتور عبد الله الغنيم بنفسه يشجعني على ذكر ذلك كله وإعطاء كل ذي حق حقه، وأعطاني حرية الكتابة دون أيّة محاذير. ومن هنا أوجه له ولمركز البحوث والدراسات الكويتية وللدكتور فيصل الوزان خالص الامتنان.

ولماذا لم تسع إلى تحويل هذه الشهادات إلى رواية؟


منذ بداية قراءتي لتلك الشهادات التوثيقية، تذكرت افتتاني بأعمال البيلاروسية سفيتلانا ألكسفيتش، لذلك أظن أن الطريقة الذي كتبت بها المواضيع هو الشكل الأمثل لتلك القصص. ولكنني أستبعد أن كثيرا من التفاصيل التي قرأتها خلال عملي في جمع الشهادات، قد تجد لها مكانا في رواية ما.      

وهل لديك مشروع روائى جديد تعمل عليه؟


لدي عمل روائي في مراحله الأخيرة وأتمنى أن يصدر هذا العام، عن قصّة تدور أحداثها في مجتمع الكويت قبل النفط. بذرتها الأساسية مستلهمة من حادثة وقعت نهاية الثلاثينيات وبنيت عليها الأحداث وكتبت شخصيات أعايشها منذ عامين. أتمنى أن تلاقي الرواية حظا مع القراء مثل الروايات السابقة.

الرواية الكويتية فى البوكر العربية.. برأيك إلى أى مدى أثر ذلك على المشهد الأدبى الكويتى؟


لجائزة البوكر أكبر الأثر على الرواية الكويتية، طبعا لا أنكر المستوى النوعي للروائيين الكويتيين في العقد الأخير، خاصة الجيل الذي بدأ في نهاية العقد الأول من الألفية، والذي تعارف كثر على تسميته جيل الشباب رغم ولوج معظمهم العقد الرابع من العمر.


لكن لحظة البوكر جاءت لتساهم في وصول الصوت الروائي الكويتي لقراء عرب وأجانب وغطّت مساحات لم تحلم بهم الرواية الكويتية من قبل في ظنّي.


إضاءة


عبد الوهاب الحمادي، كاتب وروائي كويتي، وصلت روايته “لا تقصص رؤياك” إلى القائمة الطويلة في الجائزة العالمية للرواية العربية عام 2015 والمعروفة بالبوكر، وهي رواية تتناول مرحلة ما قبل الربيع العربي عبر شخصيات معبرة عن نسيج كويتي. وقد منعت الرواية من التداول في الكويت لأسباب أثارت الجدل في الصحافة الكويتية، وفازت روايته “ولا غالب” بجائزة دولة الكويت التشجيعية للعام 2021.


ومن أعمال الكاتب الكويتى عبد الوهاب الحمادى “دروب أندلسية” 2011 عن دار الفارابى، الطبعة الأولى، ودار كتاب الإمارات الطبعة الثانية، كما صدر له رواية “الطير الأبابيل”، و”لاتقصص رؤياك” التى صدرت عن المركز الثقافي العربي، ورواية “ولا غالب” الحائزة على جائزة دولة الكويت التشجيعية للعام 2021.


غلاف الكتاب


 

عبد الوهاب الحمادى
عبد الوهاب الحمادى


اكتشاف المزيد من موقع المعارف

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button

اكتشاف المزيد من موقع المعارف

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading