معارف

مودى الإمام حكى النغم.. الراوي الأكبر لملاحم سينما التسعينيات

[ad_1]


فى سنة 1995 كانت واجهات السينمات المصرية تتأهب لعرض عمل فنى فريد من نوعه، تعاون على تقديمه 4 من ألمع نجوم الوطن العربى فى ذلك الوقت ولفترات لاحقة بعيدة الأمد، والعمل هو “طيور الظلام”، والنجوم هم “عادل إمام ووحيد حامد وشريف عرفة ومودى الإمام”.


وفيلم طيور الظلام هو رابع تعاون يجمع بين ذلك الرباعى، وهو أكثر أعمال الفريق الفنى مجتمعين اكتمالًا من حيث الصورة والصوت والمضمون، فقد كان عادل كممثل قد وصل إلى قمة نجوميته السينمائية، فهو رهان السباق على شباك التذاكر الرابح دائما فى الإيرادات، أما وحيد حامد السيناريست فقد أمسك بتشخيص فنى لطبيعة مشكلات المجتمع المصرى وصراعاته مع ثنائية الفقر والفساد.


و”عرفة” كمخرج كان قد جرب ما يكفيه من كادرات وأشكال ورموز فنية جديدة تُعبر عن طبيعة مقاصده، أما مودى فقد بدأ يُشار إليه فى الوسط الفنى “الموسيقى – السينمائى” بعين التقدير والعرفان بعدما قدم واحدة من أروع المعزوفات السينمائية بهاءً وحضورًا فى فيلمه الهروب عام 1991.


كان مودى الإمام بصحبة ذلك الثلاثى اللامع قد قدموا فى بداية التسعينات فيلم “اللعب مع الكبار” ولحقه فيلم “الإرهاب والكباب” ومن بعده “المنسى” ثم جاءت محطتهم الأكثر أهمية فيلم “طيور الظلام” الذى قدم فيه وحيد حامد نموذجين لمحاميين وصوليين يتصارعان على مصر “فتحى نوفل”، و”على الزناتى”.

والاثنان “نوفل” و”الزناتى” فى صراعهما المحموم كانا قد تخليا عن مبادئهما فى سبيل الوصول الذى اختار كل منهما طريقًا مختلفًا عن الآخر، غير أن الطريقين ما لبثا أن اصطدما مع بعضهما، حتى أوشك ذلك الصدام أن يحطم كل شىء يقف فى طريقهما.


مودى الإمام صانع موسيقى الفيلم كشف فى أحد لقاءاته التليفزيونية، عن كواليس صناعته لهذا العمل الفريد قائلا: إنه شاهد الفيلم وقد أبهره سيناريو وحيد حامد والمساحات التى يتحرك فيها الخير والشر داخلنا كبشر، معبرًا عن إعجابه الشديد بالصورة التى أخرجها شريف عرفه، لافتًا إلى أن هناك مشهدا فى غاية العذوبة، فجر كل موسيقى الفيلم فى رأسه، وهو مشهد وقوف عادل إمام وراء زجاج شرفة أحد فنادق مصر الفارهة فى طابقه المرتفع، قائلا بملامح متأثرة: “البلد ديه اللى يشوفها من فوق غير اللى يشوفها من تحت”.


ومشهد الفندق جاء بعدما ربح فتحى نوفل قضية مهمة أوكلها إليه محام كبير فاسد من الباطن، فكافأه بمبلغ مالى ضخم وحجز جناحا فى أحد فنادق مصر الكبيرة ليستجم، لكن عندما وقف عادل أمام، وقد ترقى اجتماعيا كما تقول الصورة الصامتة تذكر بشجن كبير محزونه القيمى وحبه لوطنه بعدما رآه من منظور فوقى مختلف.

يقول مودى الإمام “بعدما رجع الأستاذ عادل – كما جاء فى الفيلم – من سهرته وكانت معه يسرا الفتاة التى مشت مشى بطال لأن الحياة عاكستها، صعدا إلى الفندق فوقف عادل إمام أمام الشرفة وقال جملته: (البلد ديه اللى يشوفها من فوق غير اللى يشوفها من تحت) موضحا أن ملامح عادل إمام وتعبيراته أخذته وأثرت فيه خصوصا بعدما ردت عليه يسرى ردا ضاحكا عابثا لأنها لم تكن على مستوى فكره وثقافته.


وأضاف مودى الإمام: “جلست أعمل موسيقى هذا المشهد بالذات، فتفجر فى رأسى موسيقى المشهد، الذى تحول بعد ذلك إلى مقدمة الفيلم وأصبحت تيمته الرئيسية الذى يغنى فيها العود وتتسحب فيه الكمنجات مع بكاء العود تأسفًا ولوعة وحسرة”.

وتجربة مودى الأكثر اكتمالا مع عادل إمام ووحيد حامد وشريف عرفة فى طيور الظلام، سبقتها تجربة أخرى مشابهة فى اكتمالها الفنى عند “أحمد زكى وعاطف الطيب ومصطفى محرم” فى فيلم «الهروب» الذى تعد موسيقاه واحدة من أرفع الألوان الموسيقية فى تاريخ السينما المصرية تفردًا.


فى “الهروب” يرفض منتصر الصعيدى، أن يخون أهل قريته “الحاجر” ويتربح منهم، ليجد شريكه الجشع أن لا مفر أمامه سوى التخلص من منتصر عن طريق تلفيق قضية تزيحه من أمامه، فيُسجن البطل ويخرج بعد عقوبته لا هدف له سوى الثأر لنفسه ولأهل قريته الذين خدعوا على يده.


وقد تحدث مودى الإمام عن كواليس صناعة موسيقى فيلم الهروب قائلا: “مزيكا فيلم الهروب بُنيت على عمودين أولهما شريط تسجيل أحضره المخرج عاطف الطيب لى.. وأسمعنى بدوى من قبيلة الطوارق التابعة للصحراء الكبرى، قائلا: أنا عاوز أوظف ده.. فسألته اشمعنى ده يعنى؟ فرد قائلا: إنه مثل منتصر من الصعيد الجوانى وأعرف أن هذا الغناء ينتمى للتراث الذى يسمعه الناس هناك، مشيرًا إلى أنه عندما أضاف إلى الغناء موسيقاه المصاحبة وجده أمامه حالة شجية تسيطر عليها الغربة واللوعة والعتمة اللانهائية.


أما العمود الثانى فقد كان مشهدًا ترك أثرًا قويا فى نفس مودى الإمام، وهو مشهد معرفة منتصر “أحمد زكى” بإلقاء القبض على والدته كنوع من الضغط عليه لتسليم نفسه للعدالة، جاء ذلك المشهد فى سياق درامى بعدما قتل منتصر فى طريق ثأره أشخاصا كثيرين بالخطأ، ولكنهم أناس سيئون يضرون بالمجتمع فتحول إلى بطل شعبى فى عين الناس والصحافة، وعدو للشرطة.

يقول مودى: عندما عرف منتصر إلقاء القبض على والدته، ذهب إلى بلدته من أجل تسليم نفسه للعدالة هناك، مشيرًا إلى أن عاطف الطيب التقط كادر غاية فى البراعة لأحمد زكى وهو فوق القطر والكوفية تتطاير على وجهه، قائلا: هذا المشهد أوجع قلبى من براعة أحمد زكى فى الأداء فصنعت موسيقى تشبه هبوط القلب من فرط التأثر.


هكذا ساهم مشهد رجوع منتصر منكسرًا إلى بلدته ليسلم نفسه للعدالة، وشريط غناء صياد الصقور فى خروج واحدة من أجمل الموسيقى التصويرية لحقبة التسعينيات، التى يعد مودى الإمام بطلها وفارسها الحقيقى وحكاءها الأكبر.


كذلك فإن لمودى الإمام عددا كبيرا من موسيقى الأفلام التى حققت نجاحا، أبرزها “ضد الحكومة”، و”بالوالدين إحسانا”، و”لحظة ضعف”، و”جواز بقرار جمهورى”، و”جاءنا البيان التالى”، و”عايز حقى”.


 

[ad_2]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى