معارف

قالوا عن الكاتب الكبير يوسف إدريس.. شهادات أدباء

[ad_1]


في مثل هذا اليوم 1 أغسطس عام 1991، رحل عن عالمنا الكاتب والأديب يوسف أدريس، أحد أبرز رواد الأدب العربي في القرن العشرين، كما لقب بـ “نبي القصة”، وفى خلال السطور التالية سوف نستعرض شهادات الكتاب عنه أعماله. 


أما عن رجاء النقاش فقال: ” وجدت عناء شديدا فى قراءة قصتى يوسف إدريس “العيب”و “الحرام”  بسبب غرام إدريس بالتفاصيل، حتى تخرج قصصه لوحة من الزخرفة الإسلامية المنمنمة، لكن العناء الذى تحسه مع يوسف هو عناء لذيذ، فأنت بعد التعب والتأنى تصل إلى شىء ثمين عميق وتشعر أنك كسبت ولم تخسر من هذا العناء.


يوسف إدريس فى هاتين القصتين يعالج مشكلة الخطيئة .. ولكنه يعالجها من خلال بيئتنا وواقعنا، إن إدريس ليس أول من كتب عن الفلاحين والقرية ولكن قيمته الحقيقية هو أنه عندما كتب عن القرية قلب تربتها وعرف باطنها قبل ظاهرها فخرجت فى أدبه قرية مصرية حقيقية ..آلامها الكثيرة هى آلام قريتنا وأفراحنا القليلة هى أفراح قريتنا.

ولكى ندرك الفارق بين القرية الحقيقية التى صورها يوسف إدريس وبين القرية المستعارة المرسومة من الذاكرة ويكفى أن نتذكر ماكتبه محمد حسين هيكل فى روايته “زينب” وهى أول عمل فنى فى أدبنا يتحدث عن الفلاحين ولكنك تجد فيها أشياء غريبة عنا، أشياء تلبس القبعة ولا تلبس الطاقية أو المنديل المحلاوى.


لكن بطل “زينب” عندما وقع فى الخطيئة باتصاله بالفلاحات يشعر بالذنب والحاجة الى التطهر، فذهب إلى أحد المشايخ واعترف له والاعتراف هنا نغمة اجنبية استوردها هيكل من احتكاكه بالغرب ولم ينقلها من معرفة صحيحة بالقرية المصرية كما يفعل إدريس، هنا تظهر أصالة يوسف إدريس. والخطيئة فى قصة الحرام هى خطيئة عزيزة الفلاحة الفقيرة إحدى عاملات التراحيل اغتصبها أحد الفلاحين وحملت وولدت وخافت كشف الفضيحة فقتلت طفلها.

وعزيزة هنا ليست شريرة ولا سافلة بطبعها، لكنها وقعت تحت ظروف اجتماعية عنيفة ومأساة عزيزة هى مأساة الإنسان عند يوسف إدريس بطلها الأكبر هو المجتمع الفاسد وليس القدر، فيوسف إدريس لم يلتفت أبدا فى قصصه إلى المأساة التى يصنعها القدر بل يثبت عينيه على المأساة الاجتماعية وحدها.


ليست قصة العيب سوى صورة من الحرام ولكن فى المدينة والفرق بين الحرام والعيب.. الفرق الرئيسى والجوهرى هو الفرق بين القرية والمدينة، بين عزيزة وسناء.. فغرقت عزيزة فى المأساة حتى قضت عليها، أما سناء فقد غيرتها المأساة فحولتها من الطهر والبراءة إلى  الفجور والرشوة واللامبالاة وهذه هى مأساة المدينة فتستطيع سناء أن تعيش فى المدينة وكأنها أطهر إنسان على وجه الأرض ومن يدرى؟”.


اما الدكتور محمد سليم شوشة، الروائي وأستاذ الأدب العربي بجامعة الفيوم، قال إن الروائي الراحل يوسف إدريس كان شديد الالتحام بالإنسان المصري، وأنه تجاوز المرحلة الكلاسيكية في تاريخ القصة المصرية.


وأضاف «شوشة»، في لقاء ببرنامج «صباح الخير يا مصر»، على القناه الأولى والفضائية المصرية، من تقديم الإعلاميين محمد الشاذلي وهبه حسين: «كانت أول مجموعة أرخص ليالي في 1950 قبل 52 بعام ونصف، ولكن إنتاجه كان في التصاعد، وكان منفعلا أيضا بالنظام الجمهوري وثورة يوليو بكل حماس، وكان أهم ما يميزه هو الالتحام المصري والغوص في وجدانه وتكوينه إذا كان هو إنسان مصري بسيط ريفي أم أنه ابن المدينة كان من الطبقة الوسطي الناهضة الباحثة عن تحقيق ذاتها، وأيضا المرأة في نظام الاشتراكية.




وتابع الروائي وأستاذ الأدب العربي بجامعة الفيوم، أنه اشتهر ببعض الأعمال الذي بها البعد الريفي لأنه كان يعيش بالريف، وذكر بأن والده كان يعمل بالري، وكانت والدته تحمل عادات وتقاليد الريف، التي كانت مؤثره عليه وعلى كتاباته، وأضاف أن من أهم ما كتبه كان عن الريف والشخصية الريفية، و بالرغم من ذلك كان قريبا من الطبقة الوسطى الناهضة في القاهرة أكثر، وأنه جسد الريفين القادمين إلى المدينة.


قال شوشة، إن هناك إبداع قصصي مميز في مصر، ولكن يوسف إدريس الكاتب القصصي، والمسرحي، والروائي المصري كان علامة فارقة في الإبداع العربي، موضحًا أنه كتب العديد من القصص القصيرة والروايات والمسارح والمقالات الصحفية، وأبرز اهتماماته بقضايا اللحظة وكل الشئون الفكرية والسياسية وكل أمور المجتمع، مضيفا: “مازال هناك إبداع قصصي مميز ولكنه يتوارى وسط ركام كبير”.


أشار إلى أن من بين تلامذة يوسف إدريس، محمد المخزان الذي درس في كلية الطب وكان على مستوى عالي من الإنتاجية، موضحًا، أن من بين تلامذة الروائي الراحل، صفاء النجار وحسن عبد الموجود ومحمد ابراهيم طه، مشيرا إلى أن المفارقة تكمن في أنهم كانوا أطباء، فالعلم بشكل أو بأخر يثقل القواعد العلمية السليمة في الرواية واللغة.




وبالنسبة إلى الناقد والكاتب الراحل ماهر شفيق فريد، لقد قام يوسف إدريس في حياته بثلاث مهام، تكفي كل مهمة منها لأن تستغرق عمرًا كاملًا وتستأثر بحياة أي أديب؛ مهمة التأسيس، ومهمة التطوير، ومهمة ارتياد الدروب غير المطروقة.




فهو في المحل الأول من البناة العظام، أو مؤسسي فن القص المصري،  لقد مصر القصة مثلما مصر طلعت حرب الاقتصاد، ونقلنا من دور محاكاة تشيكوف أو موباسان أو إدجار ألان بو أو همنجواي، إلى دور الغوص في أعمق ما في الضمير المصري من معتقدات وأساطير وخرافات وفولكلور، وحوَل النادرة أو النكتة إلى عمل فني له دلالاته الاجتماعية والنفسية والفلسفية، وهو في المحل الثاني  قد طوَر أدواته الفنية من خلال معالجة الأقصوصة البالغة القصر، والقصة المتوسطة الطول، والرواية الطويلة.




وتمكن من أن يبتدع لكل شكلٍ من هذه الأشكال إيقاعًا يلائمه، بحيث لا نشعر قط في حالته، أن القصة القصيرة مجرد ملخص لعملٍ أطول، أو أن الرواية عنده منظومة من قصصٍ قصيرة، وضعت جنبًا إلى جنب، ليس إدريس مهندسًا مدققًا من نوع نجيب محفوظ أو يوسف الشاروني، ولكن فطرته الفنية، وغريزة القاص فيه، تهديانه إلى مراعاة التناسب في عمله، ومن ثم يخرج على نحوٍ لا يقل إتقانًا عن أعمال غيره ممن يستخدمون القلم والمنقلة والمسطرة والفرجار،  وهو لم يكتفِ بتدعيم الاتجاه الواقعي في أدبنا الحديث واقعية تسجيلية حينًا، نقدية حينًا آخر.

 

[ad_2]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى