معارف

في روما وأثينا.. عبادة إيزيس وحدت العالم القديم وانتهت مع ظهور المسيحية




نالت عبادة ايزيس اهتمام الكثير من العلماء الغربيين خلال النصف قرن الماضي، وهو ما أثمر عن العديد من الدراسات المهمة حول هذه العبادة ومدى انتشارها في أثينا وباقي المدن اليونانية، وکذلك في کل من روما والولايات الرومانية التابعة لها الشرقية والغربية خلال العصرين الهللينيستي والإمبراطوري، بجانب تقديسها بصورة كبيرة عند المصريين.


وإيزيس هي إلهة رئيسة في الديانة المصرية القديمة والتي انتشرت عبادتها في العالم اليوناني الروماني، ذُكرت إيزيس لأول مرة في المملكة المصرية القديمة (2686-2181 ق.م) كإحدى الشخصيات الرئيسة في أسطورة أوزوريس، إذ قامت بإحياء زوجها الملك الإلهي المذبوح أوزوريس، كما أنجبت وريثه حورس وقامت بحمايته.


وبحسب دراسة بعنوان “الشواهد الأثرية على وجود العبادة الأيسية في ولاية بريطانيا الرومانية” للباحثة رانيا سمير زيدان، فأن الإلهة إيزيس اكتسبت العديد من الصفات التي جعلت عبادتها تتخطى حدود مصر وتذهب إلى تقديسها في روما وبلاد أخري، فهى الإلهة الأم وفقا للأساطير المصرية، ابنة الإله جب إله الأرض، ونوت إلهة الشمس، وأخت أوزيريس ونفتيس وست، وذاعت أسطورتها هي وزوجها أوزوزيس الأفاق، ونالت شهرة واسعة مع بداية العصر البطلمي، فقد بدأت العبادات المصرية تلعب دورا كبيرا في شرق البحر المتوسط في أثينا وبيرايوس، حيث توافقت مع الألهة الإغريقية، وأصبحت هي المعبودة الأكثر شهرة بين الألهة المصرية، لتجسيدها مفهوم السلطة الملكية، والذي تحول بعد الصراع إلى دور الحماية، ووعد بحياة أفضل بعد الموت.


ووفقًا للدراسة سالفة الذكر، فأن عبادة الإلهة إيزيس عرفت في روما منذ عهد الملك بطليموس الثاني فيلادلفوس (284 – 246 ق.م) وأبدى الرومان تمسكهم بتقاليد وعبادة الأسلاف، والتسامح الديني كما رحبوا بالإلهة في دولتهم، وبذلك انتقلت العبادة الإيسية، عبر ديلوس إلى كامبانيا بسبب التبادل التجاري، وبدأت روما في بناء المعابد لإيزيس وسيرابيس حوالي 220 ق.م، كما اعترف القائد الجمهوري سولا بعبادة إيزيس في عام 83 ق.م، كما أقام يوليوس قيصر معبدا لإيزيس بجانب معبد فينوس، لكن مع زيادة الاضطرابات خلال نهاية العصر الجمهوري، اضطر مجلس الشيوخ إلى حظر العبادات الأجنبية، كذلك عمل الإمبراطور أغسطس على منع العبادات الوافدة إلى روما، واستمر الامبراطور تييريوس على نهج أغسطس في منع عبادة إيزيس في روما، بل وقام بتدمير معبد إيزيس سنة 19 ق.م، لكن في القرن الأول الميلادي ومع وصول الإمبراطور كاليجولا للعرش، أقام هيكلا لإيزيس في روما، فيما أحيا الإمبراطور نيرون احتفالات الإلهة إيزس مرة أخرى، وقام دوميتيان ببناء معبدا جديدا لها، وبهذا بدأت تتوغل العبادة الإيسية في غرب أوروبا لتدعم العبادة الرسمية للإمبراطورية نفسها، وتحمي الإمبراطور وسلامته وصحته.


وتذهب أغلب المراجع إلى أن عبادة إيزيس انتهت مع انتشار المسيحية في القرنين الرابع والخامس ميلاديا. ويري البعض أن عبادتها أثَّرت في المعتقدات والممارسات المسيحية مثل تبجيل مريم، إلا أن دلائل هذا التأثير لا تزال مبهمة وعليها الكثير من الخلاف. استمرت إيزيس في الظهور في الثقافة الغربية خاصة في التعاليم الباطنية الغربية وفي الوثنية الجديدة غالبًا كتشخيص للطبيعة أو الجانب الأنثوي من الألوهية.


اكتشاف المزيد من موقع المعارف

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع المعارف

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading